يا ليت لي قلبك لأموت حين أموت ... ...
أحرقنا مراكبنا. و علّقنا كواكبنا على الأسوار.
نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي:
بيروت تفّاحة و القلب لا يضحك
و حصارنا واحة في عالم يهلك
سنرقّص الساحة و نزوج الليلك
أحرقنا مراكبنا. و علّقنا كواكبنا على الأسوار
لم نبحث عن الأجداد في شجر الخرائط
لم نسافر خارج الخبز النقيّ و ثوبنا الطينيّ .
نحن الواقفين على خطوط النار أحرقنا زوارقنا،
و عانقنا بنادقنا
سنوقظ هذه الأرض التي استندت إلى دمنا سنوقظها،
و نخرج من خلاياها ضحايانا سنغسل شعرهم بدموعنا البيضاء
نسكب فوق أيديهم حليب الروح كي يستيقظوا و نرش فوق جفونهم أصواتنا
قوموا ارجعوا للبيت يا أحبابنا
عودوا إلى الريح التي اقتلعت جنوب الأرض من أضلاعنا
عودوا إلى البحر الذي لا يذكر الموتى و لا الأحياء
عودوا مرة أخرى
فلم نذهب وراء خطاكم عبثا
مراكبنا هنا احترقت
و ليس سواكم أرض ندافع عن تعرّجها
و حنطتها سندفع عنكم النسيان،
نحميكم بأسلحة صككناها لكم من عظم أيديكم
نسيجكم بجمجمة لكم
و بركة زلقت فليس سواكم أرضا نسمّر فوقها أقدامنا...
عودوا لنحميكم...
"و لو أنّا على حجر ذبحنا "
لن نغادر ساحة الصمت التي سوت أياديكم
سنفديها و نفديكم
مراكبنا هنا احترقت
و منكم... من ذراع لن تعانقنا سنبني جسرنا
فيكم شوتنا الشمس أدمتنا عظام صدوركم حفت مفاصلنا منافيكم "و لو أنّا على حجر ذبحنا"
لن نقول" نعم"
فمن دمنا إلى دمنا حدود الأرض من دمنا إلى دمنا
سماء عيونكم و حقول أيديكم
نناديكم فيرتدّ الصدى بلدا نناديكم فيرتد الصدى جسدا من الأسمنت
حن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي:
لن تنرك الخندق حتى يمرّ الليل بيروت للمطلق و عيوننا للرمل .
بقيّة الروح ،استغاثات الندى ، قمر تحطّم فوق مصطبة الظلام
بيروت، و الياقوت حين يصيح من وهج على ظهر الحمام
حلم سنحمله. و نحمله متى شئنا. نعلّقه على أعناقنا بيروت زنبقة الحطام
وردة مسموعة بيروت ..
صوت فاصل بين الضحية و الحسام
ولد أطاح بكل ألواح الوصايا
و المرايا
ثم... نام..
ثم... نام..
"محمود درويش"