كف رقيق

وساءلت عنك الايام قالت

انت راحة يد ندية تهدهد العمر الخائف

وتمحو من القلب الأحزان

احملك بداخلى .. اتنقل هنا وهناك .. اتحدث و اضحك .. اغضب وابكى .. وانت بداخلى السر الكبير .. منذ التقينا وانت سر .. احتويتك بداخلى دون ان ادرى ، ودون ان تدرى .. اعرفك وكانى اعرفك منذ الصغر .. منذ زمن بعيد .. ترى .. ماذا جرى .. وماذا كان؟ .. قلبت كل الموازين .. وتخطيت القواعد .. فلم اقل لك يوما لا .. ولا رأيتك يوما مثل باقى البشر .. فانت رجل صامت .. تخفى بين حنايا روحك عالم من الاسرار .. ورغم فارق الزمن .. وجدتنى انحنى احتراما، واستميت ضعفا اليك .. اصبو الى ود جميل يقربنى منك .. واقتربنا .. ثم فجأة .. حسمت امرك .. وكانت ايام البعد التى لا فرار منها .. واليوم ارتد اليك باعنف مما كان .. اسمع وقع خطواتى على الارضية الملساء .. واسمع خفق القلب فأميز فيه خوفى عليك .. ورأيت فى اللون الابيض حولى مزيجا من الوان اخرى جعلت من الممر الواسع الذى يقودنى اليك دنيا من الاماكن التى فيها تلاقينا .. اسير فيه وانا اعلم اننى ساراك فى اخر حجراته تلك التى الى اليمين .. سأراك .. ترى اتذكر اخر مرة تلاقينا .. كنا مع احبابنا الصغار .. لقد علمتنى كيف احنو عليهم .. كيف اهمس بقلب كل صغير فيهم باحساس الامان المفقود .. كنا معا .. شهر بعدها .. واعلم عنك ما جرى .. ها انا اقترب .. فقط بضع خطوات .. انا الان امام بابك، وبابك موصود .. طرقته .. فتح الباب وطل وجه برىء .. رأتنى اختك وقد تدافعت الدموع لعينيها .. ابتسمت اطمئنها وعيناى تكاد تركض اليك .. احتضنتها ثم غادرت هى الغرفة .. وبقينا انت وانا والصمت .. انا ما زلت ببابك .. اراك فوق فراشك .. واجتاحنى حنين جارف اليك .. لكأنى اسمعك فى حوار عابر من حواراتنا .. فريق الكرة الذى تشجعه .. صديق تحبه تحكى عنه .. عقيدة تؤمن بها .. استندت الى الحائط ارقبك .. كنت نائما .. مستكينا .. هادئا .. وقد اراحنى هذا قليلا .. فقد كنت اود ان اراك ولا ترانى .. رحت اتقدم نحوك مترددة الخطوات .. اه يا انت الذى تأسرنى .. اود لو انزع عنك الالم واضعه فى نفسى .. اردت ان اقترب قدر الامكان .. جثوت الى جوار فراشك .. ورفعت رأسى اليك .. اتأمل جانب الوجه الذى اراه منك .. وذلك الكف الرقيق النائم الى جوارك .. كف رقيق .. لطالما حن وبذل واعطى.. اود لو اصافحه .. ولكنى لا اجرؤ .. اود لو اقبله .. لكنى لا اجرؤ .. اه يا روحى .. تحبو اليك فى شوق، وكأنها ذهبت عنى الى الابد .. ابكى .. انا ابكى احساسى الموحش بالغربة فى هذا العالم من دونك .. ابكى تعبك وعجزى .. ابكى الفروق التى حالت بيننا .. ابكى مشاعرنا المستحيلة .. ابكيك انت وانت هنا .. ضعيف متعب .. ابكى وأتأوه .. اتسمع نظم انفاسك .. اتنفس رائحتك وانا ادفن وجهى الى جوارك .. ترى كم مكثت .. لا اعلم .. ترى .. هل هذا صوتك يهتف بى .. صوت واهن لا يقو حتى على الهمس .. ناديتنى باسمى .. ورفعت رأسى اليك .. هاتان عيناك .. أرانى فيهما .. رغم ضعفهما قويتان كما هما دائما .. حنونتان كما هما دائما .. رافضتان كما هما دائما .. تأملتنى .. ورغم حنانك واهتمامك .. ورغم الشوق فى عينيك .. تأملتنى وقد قالت عيناك ارحلى .. اغمضت عينيك ، وابعدت وجهك عنى .. وانا ذاهلة .. فبقدر قربنا لابد ان نبتعد .. حكم الناس .. وقالت الاعراف .. وانت لا تستطيع ان تتجاهل الاعراف .. حتى وانت مريض .. وبحكم الظروف لابد ان اكون بعيد .. ربما نصير بعيدين كالمشرق والمغرب فلا اراك ولا ترانى .. لكنك رغم كل شىء لا تزال ها هنا بين حنايا النفس .. والروح تطمئن بين جوانحى انك انت الوحيد .. وهذا يكفينى ويكفيك .. سأرحل رغم حاجتى وحاجتك .. ساخرج للناس وامضى بما علمتنى .. سأمضى بك وانت بداخلى .. اتلمس بعينيك الطريق .. وأهدى لكل انسان فى هذه الدنيا منك هدية امان وحنان من كف رقيق .. ويكفينى بعد ان غادرت حجرتك ، وانا استند الى بابها الموصود خلفى .. همسة من صوتك الواهن باسمى .. واهة تبكى رحيلى