Saturday, January 12, 2008

سيرة بائعة خضار

في شارع الحلقة توجد بائعة خضار،ام سعيد ،يعرفها معظم اهل الشارع حتي من قبل ان ترزق بابنها سعيد الذي سمته كذلك عسي ان يكون له من اسمه اي نصيب.
و ام سعيد كاي بائعة خضار تمتلك صوتا حيانيا ينشر سمعة الليمون و الطماطم و الخيار في كل انحاء الشارع و هي كاي بائعة خضار تضع الثمار النظيفة الكبيرة فوق سطح القفص تاركة الثمار الهزيلة التعيسة تعرف طريقها الي القاع ، و لأم سعيد اسلوب خاص في الاقناع فهي تجبرك علي شراء اشياء لم تكن تنوي شراءها طمعا فب " الاكازيون" الذي تنصبه بمزاجها او خوفا من " الجرسة" التي ستتعرض لها كرجل طويل عريض يستخسر في اهل بيته " شوية خضار".
الساكنون القادمي في هذا الشارع يعرفون ام سعيد منذ ان كانت متزوجة من سليم " المخلصاتي" ، لم يكن له مهنة واضحة لكنه كان بارعا في الكلام ، يقوم ببعض عمليات السمسرة من آن لآخر و احيانا يختفي لفترات متباينة يعود بعدها بمبالغ مالية و بال رائق و سرعان ما تنفذ الاموال علي روقان البال و لا يتبقي لأم سعيد الا القدر الذي تنجح في اقتناصه بحنجرتها الشهيرة و ملافظها القبيحة.و في اختفاءة من اختفاءات سليم طالت المدة حتي فوجئت ام سعيد بورقتها تزف اليها في فرشتها في قلب شارع الحلقة، يومها سمع الشارع كله تاريخ عائلة سليم المشرّف و خاصة نساء العائلة ، كما نال كل من حاولوا تهدئتها نصيبهم من الاهانات ، تركها سليم و معها ولد و بنت في الاعدادي .
سيد - الابن - كان عايقا من يومه ، طالما ارهق امه بطلباته المكلفة حتي لا يكون اقل من زملاؤه في المدرسة و كانت هي تحاول تدبير الامور بطريقتها ثم اكتشف سيد انه لا يحقق ذاته في التعليم فاقتحم عالم ما خلف اسوار المدرسة و اقتحمه بقوة ، جرب كل انواع المزاج من السجائر و حتي الصنف المفتخر ، و كانت امه دائما تحاول تدبير الامور فحتي بعدما هجرها زوجها كانت فرشة الخضار لا تزال كثيرا ما تفي بالغرض ، و رغم انها كانت تشك بل تعرف بانحرافه الا انها لم تكن تملك الوقت ولا طول البال لتقويمه مع تدبير تكاليف معيشتهم في نفس الوقت ، لكن ما كان يؤثر في ام سعيد - و هي نادرا ما تتأثر - هو تذمر سيد من مهنة امه و خناقاته المستمرة مع رفاقه بسبب حساسيته من ذكرهم لفرشة الخضار و تقليدهم لأمه في مناداتها علي الخضار بصوتها النشاز و مطّها لأواخر الكلمات بطريقة مميزة .
كان يفرغ غضبه كله في وجه اخته زينب التي كانت دائما مكسورة الجناح ، كانت تصغره بعامين، لم يكن لها ابدا رأي في اي شيء فهي دائما " لا تفرق معها" ، و كانت رغم علمها بانحراف اخيها تشعر معه بالامان و تخاف ان تغضبه و تطيعه لاحساسها انه اعلم بالدنيا و انه لو تركهم ستضيع ، حاولت كثيرا ان تلوذ بحضن امها لكنها كانت تستضد دائما بلعن امها لخيبتها القوية في كل شيء ، لذلك حين ارسل سليم الي سيد ليشاركه مع الناس الكبار الذين يعمل معهم و يعيش مع زوجته الجديدة - هذا العرض الذي لم يفكر سيد في رفضه - فضلت زينب ان ترحل معه تاركين امهما تلعنهما و تبكي كثيرا في وحدتها رغم ان كل من شاهدها في فرشتها لم يشعر انها اهتمت لهذا الرحيل ابدا .
المتابعون لأحوال ام سعيد اندهشوا قليلا عندما تزوجت مرة اخري ب " الاسطي " شوقي السواق الذي يعمل علي سيارة نقل صغيرة لنقل الخضار من سوق الجملة الي صغار البائعين و الذي اوقعه حظه للتعامل مع ام سعيد ذات يوم فاعجبه زعيقها و سيطرتها علي المنطقة و كفاحها فقرر في اول حركة ثورية في حياته الهادئة ان يتزوج منها و هو الذي تعود ان يعيش في حاله بعيدا عن المشاكل ، و هي لم تعترض فظل رجل افضل من ظل حائط ، و الاسطي شوقي رجل طيب و كسيب و يكبرها بعشر سنوات و لن يفكر في مغامرات يضيع فيها شقاءه ، و لدهشة اهل الشارع رزقت بسعيد علي غير توقع فهي ليست صغيرة ، و لذلك و نكاية من نساء اهل الشارع فيها دأبن علي تسميتها منذ ذلك الحين ب" الحاجّة" ، تلك التسمية التي فهمتها ام سعيد جيدا و لم تعجز عن الرد عليها .
لم تفرح ام سعيد كثيرا فسرعان ما هزل شوقي هزالا شديدا و اصفر لونه و في يوم تقيأ دما كثيرا و هرعوا به الي المستشفي و هناك و بعد ان سبّت نصف العاملين بالمستشفي افهموها ان زوجها مريض مزمن بالكبد و يحتاج الي علاج طويل الامد يكلفهم كل ما يملكوه و زيادة فعادت به الي البيت ليراقب بطنه و هي تنمو و جسده و هو يهزل و ام سعيد و هي تحمل ولدها معها كل يوم الي فرشتها لتضعه في قفص خضار اعدته له في مكان ظليل وسط فرشتها.
في هذا اليوم سمعت سارينة الشرطة في أول الشارع ، لم تعبأ فهي التي طالما لم يهمها شنبات الداخلية منذ ايام "الهوجة" التي سموها "هوجة الحرامية" عندما خبأت في بيتها اثنان من " العيال بتوع السياسة " لعدة ايام لأن واحدا منهم كان يشبه ابنها الذي كان وقتها مختفيا لعدة ايام كعادته ، حتي عندما اخبروها عن البك الجديد " بتاع المرافق" لم تعبأ كثيرا فماذا سيفعلون بها اكثر مما هي فيه ، لكن السارينة لم تتوقف و استمرت سيارات الشرطة في توغلها داخل الشارع حتي و صلت الي منتصف الشارع و نزل المخبرون يحملون الاخضر و اليابس بحجة شغل الطريق العام ، كل ما طالته ايديهم حملوه ، ام سعيد استقبلتهم بأقذع السباب لكنهم حينما اقتربوا من فرشتها حملت كل ما استطاعت حمله من اقفاص و ساعدها رجال الشارع و لاذت الي اقرب مدخل بيت و هي تولول و المخبرون يحملون كل ما تبقي من الفرشة لكنها اطلقت صرخة شنيعة عندما رأت قفص سعيد محمولا و مطوحا في الهواء ليرقد وسط الكراكيب في صندوق سيارة الشرطة التي انطلقت سريعا بدويّ سرينتها المزعج .
بعدها لم تعد ام سعيد كما كانت ، ارتسمت علي وجهها تلك النظرة الذاهلة التي لم تمحي حتي اليوم ، ظلت موجودة في الشارع تجلس مكان فرشتها القديمة بنفس الثوب الاسود الرث الذي ازداد توحلا و رثاثة و بنفس الفاظها القبيحة تنعت بها اي شخص يعبر امامها و احيانا تقوم لتطارد شخصا ما بسبابها او تقذفه بحجر لكن النظرة الذاهلة في عينيها لم تتغير .
في شارع الحلقة كانت توجد بائعة خضار ، و القادمون الجدد الي الشارع يرون هذه المرأة ذات المنظر الرث تطارد الناس و تشتمهم و ربما يسمعون شيئا من حكايتها من السكان القدامي للشارع

5 ليف يور كومنت هير بليز:

Rivendell** said...

ايه الصدمة العصبية دي
حرام


جامدة طبعا

بس بجد حرام

انا تنفسي وقف

خمسة فضفضة said...

السلام عليكم ورحمة اله وبركاته

لا بجد الحكايه دي حقيقية

ماهو لو تبقي حقيقه يبق الله يكون في عونها

طيب هو سعيد مات ولا راحت تدور عليه مالقيتوش ؟؟؟

عموما سواء كانت حقيقه ولا لأ فهي ابداع ادبي بصراحه تحفه

No Fear said...

السلام عليكم
جميييييييييييييييييييييييييييلة جداااااااااااااااااااااااااااا

big big girl...in a big big world said...

عودا احمدا يا عبد الرازق

قصه جميله..و احساس عميق بالغير

بجد جميله

zemos said...

آآآه

Post a Comment