تحملني قدماي – كالعادة – عندما ابحثعن نفسي الضائعة في زحام الحياة اليومية الصاخبة و زخم العلاقات السريعة و الكلمات المنمقة و الابتسامات المصطنعة الي الاسكندرية ، بشرط ان يكون الوقت شتاءاَ .
هذه المرة –مرتديا معطفي الثقيل مرفوع الياقة – كنت اجوب شوارعها الساحرة التي تلمع بماء المطر الذي يغسلها كما يغسل الماشين فيها ، تلك الوجوه التي تشع بالدفء رغم البرد المحيط ، الضحكة التي تجلجل فيسري وقعها قويا في هذا الوقت اكثر من اي وقت آخر .
يلوح لي مقهي بسيط ، تناديني الجدران القديمة التي غيرتها رطوبة البحر ، الكراسي الخشبية و التليفزيون القديم و كوب الشاي بالنعناع و الدفء و ممارسة هوايتي المفضلة في ايام الوحدة و هي تأمل الوجوه العابرة ، الكلمات المبتورة ، ذلك الاحساس بأنك تسمو فوق كل التفاصيل التي تتكون منها الحياة لتكون وحدك ، لم استطع مقاومة ذلك كله فلذت بكرسي في ركن بعيد من المكان .
خافتا كان صوت فيروز و هو يتسلل الي اذني ليتغلغل في دمي مباشرة " انا فزعانة تكون عن جد بتنساني ، و يمكن حبك جد بس انا تعبانة " تغيب عيناي في السماء الرمادية ، لا اسمع سوي بعض كلمات متفرقة يختلط بوقع الامطار و هي تداعب الارض العطشي لهذا التطهر الآتي من السماء .
تظهر هي ، كدفء الشمس المفاجيء في انقشاع سريع للغيوم في يناير ، مرتدية فستانها المفضل لدي و بابتسامتها الساخرة الأثيرة ..... تخطو بخطوتها الواثقة ..... تجتاح المدي فلا يصير شيء حولي سواها .... تسري الرعشة سريعاً تجتاح جسدي كله.... و هي تقترب .... تسحب كرسياً و تجلس ، انظر اليها ، تحتبس الكلمات فلا تجرؤ ان تبوح ، ان تكسر جدار الصمت و وشوشة المطر .
" عندي ثقة فيك ، عندي امل فيك ، و بيكفي ، شو بدك انه يعني اموت فيك " ما زالت فيروز في الخلفية هامسة باصرار، و هي تنظر الي مباشرة و تبتسم ساخرة- كالعادة- نكست رأسي ، لدي رصيد من الهزائم يفوق امة العرب ، جربت الخيانة و النسيان و الهجر ، صرت أخوض المعارك و انا اعرف النتيجة سلفا ..... اتجرعها قطرة قطرة.... ألوكها حتي تجتاحني كاملة ..... بل ربما ادمنتها ، لماذا تأتين الآن و تلحين علي بمعركة قد تجعلني ملكا - افكر ان وصف المعركة ليس مناسبا ، انه طريق لا معركة - و انت من جعلتيه طريقا و ممهدا .... و انا اتردد ..... افكر ، ينفتح الباب فأقف بعتبته فلا ادخل ولا ارحل.... اقيس المسافات و افكر ثانية ... و الوقت يمر ، اغيب كثيرا في الزحام..... و الوقت يمر ، لا اجتاز عتبة الباب .... استدعي معاركي و نشوتي بشجن الهزائم ، اجدني متعبا لا طاقة لي بالسير في طرق طويلة حتي لوصرت في آخرها ملكا... و الوقت يمر...
تقترب هي اكثر ، تحكم اغلاق ازرار معطفي و البرد يزداد شيئا فشيئا لكنها لا تتكلم .... لا تعاتب ....لا تصرخ .... تصر ان تجعل المعركة بيني و بين نفسي و انا اعلم النتيجة سلفا .... كالعادة....
" معقول في اكثر ، انا ما عندي اكثر، كل الجمل و الحكي و الكلام ، فيك " يفوح البيانو الحزين ليتخلل ارجاء المكان و هي تنظر لي نظرة اخيرة ، و تقوم ، ما زال لخطوتها نفس الثبات ، تخرج و تختفي في المدي ، مازالت السماء الرمادية تقوم بدورها في غسل الطريق .
" في حاجة يا استاذ " يعيدني الصوت الأجش للرجل الجالس علي الطاولة المواجهة لي الي ارض الواقع فجأة ، ينبهني الي انني قضيت كل الوقت الذي جلسته في هذا المكان ... وحدي ..... محملقا ناحيته بوجه خالي من التعبير .
اشعر باختناق ، اقرر ان اخرج الي وسع الطريق لأشارك طرقات الاسكندرية شجن الاغتسال ..... يرن تليفوني المحمول ، " البيت " تطالعني الشاشة التي تضيء و تنطفيء و " انت فين من الصبح ، هربت فين تاني ، من يوم ما اتزوجنا و انت و لا كأنك معنا ، مش عارفة انا عملتلك ايه ، .........." تضيع حروفها وسط وشوشة ماء المطر علي الطرقات عندما تداعبها عجلات السيارات المارة ، تعلو في اذني الكلمات " كيفك ، قال بيقولوا صار عندك اولاد ، انا والله فكرتك برة البلاد ، بتيجي علي بالي رغم العيال و الناس ، انت الاساسي و بحبك بالاساس ، بحبك انت ، ملا انت "
هذه المرة –مرتديا معطفي الثقيل مرفوع الياقة – كنت اجوب شوارعها الساحرة التي تلمع بماء المطر الذي يغسلها كما يغسل الماشين فيها ، تلك الوجوه التي تشع بالدفء رغم البرد المحيط ، الضحكة التي تجلجل فيسري وقعها قويا في هذا الوقت اكثر من اي وقت آخر .
يلوح لي مقهي بسيط ، تناديني الجدران القديمة التي غيرتها رطوبة البحر ، الكراسي الخشبية و التليفزيون القديم و كوب الشاي بالنعناع و الدفء و ممارسة هوايتي المفضلة في ايام الوحدة و هي تأمل الوجوه العابرة ، الكلمات المبتورة ، ذلك الاحساس بأنك تسمو فوق كل التفاصيل التي تتكون منها الحياة لتكون وحدك ، لم استطع مقاومة ذلك كله فلذت بكرسي في ركن بعيد من المكان .
خافتا كان صوت فيروز و هو يتسلل الي اذني ليتغلغل في دمي مباشرة " انا فزعانة تكون عن جد بتنساني ، و يمكن حبك جد بس انا تعبانة " تغيب عيناي في السماء الرمادية ، لا اسمع سوي بعض كلمات متفرقة يختلط بوقع الامطار و هي تداعب الارض العطشي لهذا التطهر الآتي من السماء .
تظهر هي ، كدفء الشمس المفاجيء في انقشاع سريع للغيوم في يناير ، مرتدية فستانها المفضل لدي و بابتسامتها الساخرة الأثيرة ..... تخطو بخطوتها الواثقة ..... تجتاح المدي فلا يصير شيء حولي سواها .... تسري الرعشة سريعاً تجتاح جسدي كله.... و هي تقترب .... تسحب كرسياً و تجلس ، انظر اليها ، تحتبس الكلمات فلا تجرؤ ان تبوح ، ان تكسر جدار الصمت و وشوشة المطر .
" عندي ثقة فيك ، عندي امل فيك ، و بيكفي ، شو بدك انه يعني اموت فيك " ما زالت فيروز في الخلفية هامسة باصرار، و هي تنظر الي مباشرة و تبتسم ساخرة- كالعادة- نكست رأسي ، لدي رصيد من الهزائم يفوق امة العرب ، جربت الخيانة و النسيان و الهجر ، صرت أخوض المعارك و انا اعرف النتيجة سلفا ..... اتجرعها قطرة قطرة.... ألوكها حتي تجتاحني كاملة ..... بل ربما ادمنتها ، لماذا تأتين الآن و تلحين علي بمعركة قد تجعلني ملكا - افكر ان وصف المعركة ليس مناسبا ، انه طريق لا معركة - و انت من جعلتيه طريقا و ممهدا .... و انا اتردد ..... افكر ، ينفتح الباب فأقف بعتبته فلا ادخل ولا ارحل.... اقيس المسافات و افكر ثانية ... و الوقت يمر ، اغيب كثيرا في الزحام..... و الوقت يمر ، لا اجتاز عتبة الباب .... استدعي معاركي و نشوتي بشجن الهزائم ، اجدني متعبا لا طاقة لي بالسير في طرق طويلة حتي لوصرت في آخرها ملكا... و الوقت يمر...
تقترب هي اكثر ، تحكم اغلاق ازرار معطفي و البرد يزداد شيئا فشيئا لكنها لا تتكلم .... لا تعاتب ....لا تصرخ .... تصر ان تجعل المعركة بيني و بين نفسي و انا اعلم النتيجة سلفا .... كالعادة....
" معقول في اكثر ، انا ما عندي اكثر، كل الجمل و الحكي و الكلام ، فيك " يفوح البيانو الحزين ليتخلل ارجاء المكان و هي تنظر لي نظرة اخيرة ، و تقوم ، ما زال لخطوتها نفس الثبات ، تخرج و تختفي في المدي ، مازالت السماء الرمادية تقوم بدورها في غسل الطريق .
" في حاجة يا استاذ " يعيدني الصوت الأجش للرجل الجالس علي الطاولة المواجهة لي الي ارض الواقع فجأة ، ينبهني الي انني قضيت كل الوقت الذي جلسته في هذا المكان ... وحدي ..... محملقا ناحيته بوجه خالي من التعبير .
اشعر باختناق ، اقرر ان اخرج الي وسع الطريق لأشارك طرقات الاسكندرية شجن الاغتسال ..... يرن تليفوني المحمول ، " البيت " تطالعني الشاشة التي تضيء و تنطفيء و " انت فين من الصبح ، هربت فين تاني ، من يوم ما اتزوجنا و انت و لا كأنك معنا ، مش عارفة انا عملتلك ايه ، .........." تضيع حروفها وسط وشوشة ماء المطر علي الطرقات عندما تداعبها عجلات السيارات المارة ، تعلو في اذني الكلمات " كيفك ، قال بيقولوا صار عندك اولاد ، انا والله فكرتك برة البلاد ، بتيجي علي بالي رغم العيال و الناس ، انت الاساسي و بحبك بالاساس ، بحبك انت ، ملا انت "
9 ليف يور كومنت هير بليز:
لا احب الهروب ولا اتفهمه
ولكنى احياناً افعله
يا سلاااام علييك يا تقييييل
يا كبييييييييير
يا جامد
احساس رائع لما يكون الجو حر وتكلمنى انت عن الشتا فى اسكندرية بالاسلوب ده وبالاحساس ده
حسيت بالمطر والبرد بيغسلنى معاك
احساس رائع لما تخلطلى البرد ده بفيروز
احساس غريب بحسه لما توصف هروبنا كلنا بكلماتك القليلة
البلوج نور صحيييييييييييييح
:)
مش عارف اعلق بايه .. بجد اسلوبك روووعة وياريتنى اعرف اهرب زيك ولو على وش الورق بس
الأعتراف بالضعف..قوه
يااااااه....كلامك والله جاى فى وقته لسه طالعة طازة من امتحان ما يعلم بيه الا ربنا بس هربت مع كلامك و عشت مع شتا اسكندرية و صوت فيروز شميت ريحة المطر و سمعت فيروز و رحت بعيييييد.....فى ايه أحلى من كده.......والله بجد فناااااااااان!
الي محمد جعفر
قولك انك لا تحب ولا تتفهم الهروب رغم انك تهرب احيانا هو هروب من الاعتراف بانك مضطر للهروب احيانا
Zordeak
شكرا جزيلا علي المجاملة الجميلة و سعيد جدا باعجابك بكلامي البسيط و كفاية اللحظات الجميلة اللي بتديهالي لما اعيش مع اعمالك الرائعة علي مدونتك الرائعة
foxology
شكرا علي كلامك الجميل
ولولا احتراق الكلمات علي الورق لاحترقنا
big big girl
هو الاعتراف بالضعف صراحة مع النفس ، الانسان ممكن يهرب من اي شيء لكن صعب جدا يهرب من نفسه
someone somewhere
تدفع كام بقي ع الفسحة السريعة دي بعد الامتحان
انا سعيد جدا بتششريفك لي بالمرور و التعليق
عبقرى كتابه
ده الوصف اللى اقدر اقولهولك
بتسحب رجل اللى قدامك لحد اخر سطر
وبنتمنى القصه ما تخلصش
اقولك ايه
انت عارف كل حاجه
نهايه جديده ماشيه مع الاغنيه فى نغم جامد
انا من اوائل اللى قروها على الورق يا بنى ادمين
:)
وحياة الترقوه يا شيخ ما تغيبش كتير
الدنيا صعبة
ولازم تبقي ثابت زي الصخرة التقيلة اللي ميت طن
محدش يهزك ومجدش يقلل من احساسك بنفسك
كلام مالوش علاقة بالكلام قوي
بس ده اللي حسته لما قريت
عود احمد
Post a Comment